في تصنيف منوعات بواسطة

اقتصاد دولة فيتنام وكيفية تطور العملة بها 

تبهرنا قارة آسيا دائما بقصصها حول النجاح الاقتصادي فنحن أمام رقعة جغرافية هى الأبرز في الصعود الاقتصادي مثل دول  الصين و كوريا الجنوبية و هونج كونج و فيتنام .

     الإنجاز التنموي الذى يمكن لأى تجربة ناجحة أن تحققه يكمن فى ثلاثة مقومات؛ في الخصائص البشرية، وفى البنيان الاقتصادي وقوى الإنتاج، وفى استدامة النمو الاقتصادي تتألف هذه المقومات الثلاثة. فأما عن خصائص القوى البشرية فى فيتنام المعاصرة الشابة ، فاعتمادا على مؤشرات التنمية العالمية التى يرصدها وينشرها البنك الدولي، فإن سكان هذا البلد الساحلي قد استفادوا كثيرا من تسارع معدلات التنمية المحققة. فبعدما كان الفيتنامي يعيش عمرا متوقعا عند ميلاده متوسطة أقل من 60 عام خلال ستينيات القرن الماضي، زاد هذا المتوسط ليصل إلى 75 عام حاليا. وهو متوسط يزيد عن نظيره العربي وذالك بسبب اختلاف الثقافات واهمها التوعية التغذية ، ويقترب من المستوى المحقق فى الدول المتقدمة . والتحسن فى خصائص القوى البشرية لم يحدث فى متوسط العمر المتوقع عن الميلاد فقط، لكنه شمل أيضا جودة هذا العمر من الناحية التعليمية والناحية الصحية لأن الصحة والتعليم يعدان أساس الحضارة والتفوق ، للتوسع الملحوظ فى قدرات الحكومة الفيتنامية على إشباع هذه الخدمات الاجتماعية. ونظرة سريعة على مؤشرات الإنفاق الحكومي على التعليم والصحة كفيلة بإثبات هذه الحقيقة. فحصة التعليم والصحة من جملة الإنفاق الحكومي تدور حول ربع هذا الإنفاق بكامله خلال العقد الماضي؛ ونسبة الأمية فى صفوف الكبار لا تزيد حاليا عن 5% من جملة السكان فوق 15 عام، بينما تبلغ هذه النسبة عربيا 25% تقريبا!

وإذا كان الاقتصاد الفيتنامي يتبنى النهج الاشتراكي المتصالح مع السوق، فيمكننا القول، وبثقة كبيرة، أن ما تحقق من تحسن فى خصائص القوى  البشرية يعود لتنامى قدراته التصنيعية وتحوله من اقتصاد زراعي لاقتصاد شبه صناعي. فنحن نؤمن يقينا أن التصنيع التنموي هو عماد التقدم الاقتصادي والاجتماعي. فإذا نظرت مثلا لمساهمة الصناعة التحويلية فى الاقتصاد الفيتنامي، فسترى ما يبهرك. فمن منتصف ثمانينيات القرن الماضي، والتسارع التصنيعي الفيتنامي يأخذ بالألباب. فبينما نمت قدرات العرب التصنيعية بمعدل متوسطة 3% سنويا من حيث القيمة المضافة، كان هذا المعدل فى فيتنام يبلغ 9%. وما لبثت أن انعكست آثار هذا التقدم الصناعي على هيكل التجارة الخارجية الفيتنامي باختفاء العجز من حسابه الحالي وتحوله لحالة الفائض. فمن حيث الكم، تفوقت الصادرات الصناعية على الواردات الصناعية باستمرار؛ وحازت الصادرات المُصنعة على معظم صادراته بنسبة وصلت 85% تقريبا من جملة الصادرات السلعية، مع تراجع شديد فى حصة المواد الخام منها. ومن حيث نوعية الصادرات، فإن الصناعات عالية التقنية تشكل 40% من جملة صادراتها المصنعة، بقيمة 83 مليار دولار تقريبا فى العام 2018. وإذا قارنا ذلك بعالمنا العربي، وإذا علمنا بأن صادرات كل العرب من الصناعات عالية التقنية بلغت فقط 4.5 مليار دولار فى العام 2017، وأن هذه الصادرات مثلت 5% تقريبا من جملة الصادرات العربية السلعية، سنعلم حينها حجم الإنجاز التصنيعي الذى حققته فيتنام!

ومن غير المستغرب، ومعدل التوسع والنمو الاقتصادي الفيتنامي المستمر منذ ثمانينيات القرن الماضي يدور حول معدل بالغ السرعة يبلغ 7% سنويا فى المتوسط، أن يتحقق لهذا الاقتصاد الأمن الغذائي، بتفوق ما ينتجه من غذاء على ما يستهلكه؛ وأن يتحسن أداء أغلب المؤشرات الكلية المالية والنقدية، باستقرار معدلات التضخم وعجز الموازنة العامة والمديونية؛ وأن تتراجع مؤشرات البطالة والفقر، ناهيك عن التراجع الواضح فى معدل النمو السكاني، ليبلغ عدد سكان فيتنام حاليا نحو 96 مليون نسمة تقريبا. وككل التجارب التصنيعية الناجحة، تقدم لنا تجربة فيتنام دليلا جديدا على الحقيقة التى نصدح بها دائما حول العلاقة السببية بين السكان والتنمية. إذ لا يصح لدينا القول بأن نمو السكان هو المعطل للنمو الاقتصادي. ولأننا نعلم يقينا أن المشكلة السكانية هى نتيجة للمشكلة الاقتصادية وليست سببا فيها، فعندما يتسارع النمو الاقتصادي يتراجع عدد السكان، وتختفى المشكلة السكانية كما يحدث حاليا فى فيتنام، وكما حدث مرارا وتكرارا فى تجارب الدول الصناعية الرئيسية ، وأصبحت العملة الفيتنامية اقوى وافضل من عهدها السابق . 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة

اقتصاد دولة فيتنام وكيفية تطور العملة بها 

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى الاعراف التعليمي ، الموقع تحت ادارة الأستاذة علا الشمري

49ألف أسئلة

43.6ألف إجابة

2.1ألف تعليقات

3.1مليون مستخدم

التصنيفات

...